بعد حرب العراق قد يكون علينا الاتجاه إلى الداخل والانطواء على أنفسنا ولكن هذا هو الخطأ بعينه. اللحظة الأمريكية لم تمض بعد فقط علينا إعادة اغتنامها من جديد. فلابد من وضع نهاية على قدر من المسئولية للحرب ثم تجديد قيادتنا العسكرية والدبلوماسية والأخلاقية لنواجه التحديات المفاجئة ونستفيد من الفرص الجديدة. فالولايات المتحدة الأمريكية لن تتمكن من مواجهة تحديات القرن الجديد بمفردها وكذلك لن يستطيع العالم بدونها.
باراك اوباما، سناتور ديمقراطي من ولاية ألينوي ومرشح الديمقراطيين لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
أمن مشترك لإنسانيتنا المشتركة
في اشد الأوقات خطرا في أواخر القرن الماضي، حاول الرؤساء الأمريكيين فرانكلين روزفلت وهاري ترومان وجون كينيدي حماية الشعب الأمريكي وفي الوقت ذاته زيادة الفرص للجيل القادم. والأكثر من ذلك إنهم حافظوا على الولايات المتحدة الأمريكية بالقول والفعل وقادوا وارتقوا بالعالم من حولهم، ووقفوا وحاربوا من اجل الحريات التي سعت ورائها البلايين خارج حدودنا.
بينما أسس روزفلت أكثر الجيوش العسكرية التي شاهدها العالم قوة، منحتنا الحريات الأربعة* التي أعلن عنها تصميم وعزم في نضالنا ضد الفاشية. ودعم الرئيس ترومان بنية جريئة جديدة ليتعامل مع التهديد الروسي فكان دمج القوات العسكرية مع مشروع مارشال** والمساهمة في تأمين السلام وتوفير الرفاهية للشعوب حول العالم. أما كينيدي فقد قام بتحديث المبادئ العسكرية وتقوية قواتنا التقليدية القديمة وتأسيس فيالق السلام وحلف التقدم في نفس وقت انهيار الكولونيالية وإنجاز الاتحاد السوفيتي لتكافؤ نووي نافذ المفعول. فقد طوعوا نقاط قوتنا ليظهروا للشعوب في كل أنحاء العالم الولايات المتحدة الأمريكية في أقوى حالاتها.
واليوم تم دعوتنا مرة أخرى لدعم القيادة المثالية. فتهديدات هذا القرن تعتبر على اقل تقدير بالغة الخطورة ومعقدة أكثر من مثيلتها التي واجهناها في الماضي والمنبثقة من الأسلحة المدمرة على أوسع نطاق ومن الإرهاب العالمي الذي يتجاوب مع العزلة أو ينظر للظلم بعدمية قاتلة. الآتية من الدول المارقة المتحالفة مع الإرهاب ومن القوى الصاعدة التي تتحدى كلا من الولايات المتحدة الأمريكية والقوام الدولي للديمقراطية الليبرالية ومن الدول الفقيرة الضعيفة التي لا تستطيع السيطرة على أراضيها أو النهوض بشعبها، ومن الاحتباس الحراري الذي سيكون سببا في الكثير من الأمراض والمزيد من الكوارث الطبيعية المدمرة والصراعات المميتة.
إدراك كم ومدى تعقيد هذه التهديدات ليس وسيلة للاستسلام للتشاؤمية ولكنها دعوة للعودة إلى العمل. فهذه التهديدات تتطلب قيادة برؤية جديدة في القرن الواحد والعشرين، رؤية مستمدة من الماضي ولكن ليس مقيدة بالأفكار القديمة البالية. فإدارة بوش تعاملت مع أحداث 11/9 الغير اعتيادية بطرق اعتيادية قديمة مستمدة من الماضي، رؤية المشاكل كحالة مسوولة وتعتمد على الحلول العسكرية بشكل أساسي. فقد كانت رؤية مضللة مفجعة قادتنا إلى حربنا في العراق والتي ما كان ينبغي أن يسمح بها وما كان ينبغي أن تنشب. ففي أعقاب حرب العراق وسجن أبو غريب فقد العالم ثقته في غايتنا ومبادئنا.
بعد فقد آلاف من الأرواح وصرف البلايين من الدولارات ربما فكر العديد من الأمريكيين في أن نتجه إلى الداخل وننطوي على أنفسنا ونتخلى عن تولي شئون العالم، ولكن هذا خطأ كبير لا يجب أن نقترفه. فالولايات المتحدة الأمريكية لا يمكنها مواجهة تحديات هذا القرن وهي بمعزل عن العالم وكذلك لن يستطع العالم أن يفعل بدونها. فنحن لا يمكننا أن ننسحب من العالم ولا يمكننا في نفس الوقت أن نسيطر عليه ونخضعه لنا. ولكن يمكننا أن نقوده بالقول والفعل.
تلك القيادة تتطلب منا أن نسترد البصيرة الأساسية لروزفلت وترومان كينيدي، قيادة صادقة أكثر من أي وقت مضى: فأمن ورفاهية كل أمريكي تعتمد على أمن ورفاهية هؤلاء الذين يعيشون وراء حدودنا. فمهمة الولايات المتحدة هي وضع أسس القيادة العالمية بادراك أن العالم يشترك في نفس الأمن ونفس الإنسانية.
فاللحظة الأمريكية لم تمض بعد، ولكن لابد من إعادة اغتنامها. ليس معنى إننا نرى القوة الأمريكية في محطتها النهائية هو أن نتجاهل الحلم الأمريكي العظيم وتأثيره التاريخي في العالم. إذا تم انتخابي لمنصب الرياسة سأبدأ في تجديد هذا الحلم وإعادة ذلك التأثير في نفس يوم تولي مهام منصبي.
تجاوز مرحلة حرب العراق
لتجديد القيادة الأمريكية في العالم، لابد في المقام الأول أن ننهي الحرب على العراق نهاية على قدر من المسئولية ونعيد تركيز جهودنا على الشرق الأوسط الكبير. فالعراق تعتبر تحول عن الحرب ضد الإرهاب الذي هاجمنا في 11/9 ومواصلة غير كفؤ للحرب بواسطة قواد مدنيين أمريكيين يضاعفوا الخطأ الاستراتيجي الفادح الذي هو اختيار شن الحرب منذ البداية. لقد خسرنا في هذه الحرب حتى الآن أكثر من 3300 أمريكي ويوجد الآلاف الذين يعانون من الجروح الجسدية والمعنوية.
قام المجندون والمجندات الأمريكيات بأداء واجبهم بشكل مثير للإعجاب بينما لم يكن هناك حدود للتضحية. ولكن حان الوقت لقوادنا المدنيين ليعترفوا بالحقيقة المؤلمة: نحن لا يمكننا أن نفرض الحلول العسكرية على الحرب الأهلية بين السنة والشيعة. الحل الامثل لننسحب من العراق ونتركها مكان أفضل هو أن نضغط على إطراف هذه الحرب ليجدوا حل سياسي دائم. والوسيلة المثلى لتنفيذ هذا الضغط هي أن نبدأ في سحب قواتنا تدريجيا بهدف سحب كل فرق القتال من العراق بحلول 31 مارس 2008 وهو تاريخ محدد ليناسب الهدف الذي حددته مجموعة دراسة العراق. هذا الانسحاب قد يكون توقف مؤقت إذا لم تحقق الحكومة العراقية المعايير الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تعهدت بها. وفي النهاية لابد أن ندرك أن الزعماء العراقيين فقط هم من يستطيعوا تحقيق السلام والاستقرار لبلادهم.
وفي ذات الوقت علينا أن نطلق مبادرة إقليمية عالمية سياسية شاملة للمساعدة في التوسط لإنهاء الحرب الأهلية في العراق ومنع انتشارها والحد من معاناة الشعب العراقي. ولنحقق المصداقية في هذا الجهد يجب علينا أن نوضح إننا لا نسعى لإقامة قواعد عسكرية دائمة في العراق. ولكن لابد أن نترك خلفنا فقط أدنى قوة عسكرية صغيرة وواسعة المدى في المنطقة لحماية الرعايا والمنشآت الأمريكية والاستمرار في تدريب قوات الأمن العراقية واستئصال جذور القاعدة.
جعل الشرك العراقي المواجهة والعمل على إيجاد حلول للعديد من المشاكل الأخرى في المنطقة أصعب بشكل لا يمكن قياسه، كما إنها أنتجت العديد من هذه المشاكل الخطيرة إلى حد كبير. التغيير الفعال في العراق سيتيح لنا تركيز جهودنا على حل الصراع المتفاقم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تلك المهمة التي أهملتها إدارة بوش لسنوات عدة.
فلأكثر من ثلاث عقود تطلع الإسرائيليين والفلسطينيين والحكام العرب وباقي العالم إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتتزعم الجهود المبذولة لتنشئ الطريق الذي يقود لسلام دائم. ولكن يبدو أن كلهم يتطلعوا في السنوات الحالية إلى ما بدا دون جدوى. لابد أن تكون نقطة انطلاقنا التزام واضح وقوي بأمن إسرائيل أقوى حليف لنا في الشرق الأوسط والدولة الوحيدة التي تطبق الديمقراطية فيه. فهذا التعهد له أهمية كبرى في كفاحنا ضد تزايد التهديدات التي تحيط بالمنطقة، قوة إيران وتشوش العراق وانبعاث تنظيم القاعدة من جديد وصعود حماس وحزب الله على الساحة. الآن أكثر من أي وقت مضى يجب علينا أن نكافح من اجل ضمان استقرار الصراع الدائر بين دولتين يعيشون بجانب بعضهما ليتحقق الأمن والسلام. ولنفعل ذلك علينا أن نعزز هوية الإسرائيليين وان نقوي هؤلاء الشركاء الذين تعهدوا بصدق لتحقيق السلام بينما نقوم بعزل الآخرين الذين يسعون للصراع وعدم الاستقرار. تحمل القيادة الأمريكية كل هذا من اجل السلام سيتطلب جهود صبورة ووعد شخصي من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وهذا هو ما سأفعله.
في كل مكان من الشرق الأوسط علينا أن نعد أنفسنا عسكريا لننعش ونقوي الدبلوماسية الأمريكية. الدبلوماسية المعقدة المدعمة بمراكز القوة الأمريكية، السياسية والاقتصادية والعسكرية، قد تنجح حتى عندما نتعامل مع أعداء محددين منذ زمن مثل إيران وسوريا. فقد باءت بالفشل سياستنا في إصدار التهديدات والاعتماد على الوسطاء للحد من البرنامج النووي العراقي ورعاية الإرهاب والحرب الأهلية. وأيضا علينا ألا نبالغ في استخدام القوة العسكرية، وألا نتمهل في التحدث بشكل مباشر مع إيران. ولابد أن نرفع ثمن إتمام إيران لبرنامجها النووي بفرض عقوبات اقتصادية شديدة عليها وحث شركاؤها التجاريين بالضغط عليها بشكل متزايد. ولابد أن يعمل العالم على إيقاف برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني ومنعها من احتياز أسلحة نووية. فمن الخطير جدا أن تملك دولة دينية راديكالية أسلحة نووية. وفي نفس الوقت ينبغي أن نظهر لإيران وبالاحرى الشعب الإيراني ماذا سنجني من وراء هذه التغيرات الجوهرية: مشاركة اقتصادية، ضمانات أمنية وعلاقات دبلوماسية. اتحاد السياسة مع الضغط في امكانه أن يعيد توجيه سوريا بعيدا عن النظام التعصبي لوضع أكثر اعتدالا. كما يمكنه، بالتالي، المساعدة في استقرار العراق وعزل إيران وتحرير لبنان من القبضة السورية وتأمين إسرائيل بشكل أفضل.
إحياء الجيش
لتجديد القيادة الأمريكية في العالم، علينا العمل توا لإحياء جيش الولايات المتحدة الأمريكية. فالجيش القوي هو، أكثر من أي شئ، ضروري لمؤازرة السلام. ولكن مع الأسف، الجيش والقوات البحرية الأمريكية، وفقا لزعمائنا العسكريين، يواجهون أزمة. فالبنتاجون لا يستطيع أن يضمن الاستعداد الكامل لوحدة عسكرية واحدة داخل الولايات المتحدة الأمريكية بحيث تستطيع أن تواجه أي أزمة جديدة أو حالات الطوارئ فيما بعد العراق: 88 % من قوات الحرس الوطني غير مؤهلين للانتشار خارج البلاد.
علينا أن نستغل هذه اللحظات لإعادة بناء الجيش الأمريكي وتدريبه على إتمام المهمات المفوضة إليه في المستقبل. وعلينا أن نستبقى طاقة الإنتاج القصوى للتغلب على أي تهديد قديم يهدد مصالحنا الحيوية في سرعة. ولابد أن نكون مؤهلين بشكل جيد لتدريب القوات البرية المتواجدة في الحرب ليواجهوا الخصوم بعمل حملات عسكرية مؤهلة بدرجة عالية وبشكل لا مثيل له على المستوى العالمي.
علينا أن نزيد قواتنا البرية بإضافة 65.000 جندي للجيش و27.000 للقوات البحرية. دعم هذه القوات هو أكثر من مجرد تنظيمها. ولابد أن نجند الأفضل وان نستثمر قدرتهم على النجاح. وهذا يعني أن ندعم مجندينا ومجنداتنا بمعدات من الطراز الأول وبالقوات والعربات المدرعة ويجب تحفيزهم وتدريبهم بلغات أجنبية وإعطائهم المهارات الأساسية الأخرى. كل برنامج الدفاع الرئيسي يجب درسه في ضوء الاحتياجات الحالية، ثغرات ميدان القتال، وسيناريوهات التهديد المستقبلي المحتمل حدوثها. سيكون على الجيش الأمريكي أن يعيد بناء بعض قدراته وتحسين البعض الآخر. في نفس الوقت نحن بحاجة إلى التعهد بالتمويل الكافي لتمكين الحرس الوطني من استرداد حالة التأهب القصوى.
تحسين الجيش الأمريكي لن يكون كافيا، بصفتي قائدا سأستخدم قواتنا المسلحة بشكل حكيم. عندما نرسل رجالنا ونسائنا في طريق خطر سأوضح المهمة بوضوح وسأبحث عن مشورة القادة العسكريين، سأقييم دائرة الاستخبارات بموضوعية، وسأكون على يقين من أن جنودنا لديهم الموارد والدعم الذي يحتاجونه. لن أتردد في استخدام القوة، من جانب واحد إذا اقتضى الأمر، لحماية الشعب الأمريكي أو مصالحنا الحيوية متى تمت مهاجمتنا أو تهديدنا.
كما يجب اعتبار استخدام القوة العسكرية في ظروف ابعد من الدفاع عن النفس لتوفير الأمن العام هو أساس الأمن العالمي، كالوقوف بجانب الأصدقاء، المشاركة في تحقيق الاستقرار وعمليات إعادة الاعمار، ومواجهة الدمار الفظيع. ولكن عندما نستخدم القوة في موقف غير الدفاع عن النفس، فلابد أن نسخر كل جهدنا لنجمع الدعم ومشاركة الآخرين كما فعل الرئيس جورج بوش الأب عندما حشدنا قواتنا لطرد صدام حسين من الكويت عام 1991. النتائج المترتبة على نسيان هذا الدرس في سياق الصراع الحالي في العراق كانت خطيرة.
وقف انتشار الأسلحة النووية
لتجديد القيادة الأمريكية في العالم، ينبغي مواجهة أكثر تهديد متطلب عمل عاجلا يهدد الأمن الأمريكي والعالمي ألا وهو انتشار الأسلحة النووية، ماديا وتكنولوجيا، والخطر الذي سنشعر به إذا سقط هذا الجهاز النووي في أيد إرهابية. فانفجار واحد فقط من هذه الأجهزة النووية في امكانه إحداث كارثة، تقزم دمار 11/9 وتهز كل ركن من أركان العالم.
كما انذر جورج شلتز ووليام بيري وهنري كاسنجر وسام نان بان مقاييسنا الحالية غير كافية لمواجهة الخطر النووي. كما أن نظام الحد من انتشار الأسلحة النووية الآن يعتبر تحدي، والبرامج النووية المدنية الجديدة في امكانها نشر طرق صنع الأسلحة النووية وقد جعلت القاعدة هذا هدفا لها لجلب هيروشيما جديدة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. فالإرهابيين لن يحتاجوا إلى تصنيع أسلحة نووية من البداية، فقط يحتاجون لسرق أو شراء السلاح أو الأدوات المصنوع منها لتركيب واحد. الآن يوجد يورانيوم مخصب بدرجة عالية، بعضا منه ضعيف الضمان، في المنشآت النووية المدنية في أكثر من 40 دولة حول العالم. ففي الاتحاد السوفيتي السابق يوجد تقريبا 15.000- 16.000 سلاح نووي ومخزون احتياطي من اليورانيوم والبلوتونيوم يكفي لعمل 40.00 سلاح آخر كلهم منتشرين في 11 منطقة زمنية. وقد تم بالفعل ضبط بعض الناس وهم يحاولون تهريب المواد النووية لبيعها في السوق السوداء.
كرئيس للولايات المتحدة، سأعمل مع الأمم الأخرى لضمان وتدمير ووقف انتشار هذه الأسلحة النووية لتقليل الأخطار النووية الهائلة على امتنا وعلى العالم. لابد أن تقود أمريكا الجهود العالمية لتأمين الأسلحة النووية والمواد المكونة منها في المواقع المعرضة للهجوم في غضون أربع سنوات وهذه هي أكثر الطرق الفعالة لمنع الإرهابيين من امتلاك قنبلة نووية.
وهذا سيتطلب تعاون روسي فعال. مع إننا يجب ألا نتحفظ من دفع المزيد من الديمقراطية والمسئولية داخل روسيا فعلينا أن نعمل معها في إطار المصالح المشتركة، وفوق كل هذا، التأكد من أن الأسلحة النووية والمواد المكونة منها في أمان. علينا أيضا أن نعمل مع روسيا لتحديث وتقليص أوضاع حربنا الباردة النووية الخطيرة التي عفا عليها الزمن وتقليل دور الأسلحة النووية. وينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية ألا تندفع في إنتاج جيل جديد من الرؤوس النووية. ويجب أن نأخذ مميزات التطورات التكنولوجية الحديثة لصنع توافق بين آراء الحزبين الجمهوري والديمقراطي للتصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. يمكن عمل كل هذا بينما نحافظ على قوة الردع النووي. في وسع هذه الخطوات أن تقوي أمننا بشكل جوهري.
وبينما سنقوم بإغلاق الاحتياطي النووي الموجود، سأتفاوض لتطبيق الحظر العالمي المؤكد على إنتاج المواد المصنع منها الأسلحة النووية. نحن أيضا لابد أن نتوقف عن نشر تكنولوجيا الأسلحة النووية والتأكد من أن الدول لن تستطيع بناء أو حتى مجرد التفكير في بناء برنامج نووي تحت رعاية تطوير الطاقة النووية السلمية. وهذا هو السبب الذي سيجعل ادراتي تقوم فورا بدفع 50 مليون دولار لانطلاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي يسيطر عليها بنك الوقود النووي والعمل على تجديد معاهدة عدم الانتشار النووي. ولابد أن ننفذ بشكل كامل القانون الذي أصدرناه أنا والسيناتور الجمهوري ريتشارد لوجار لمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤنا لاكتشاف ومنع تهريب أسلحة الدمار الشامل حول العالم.
وأخيرا، لابد أن ننشئ اتحاد عالمي قوي لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية والتخلص من برنامج كوريا الشمالية للأسلحة النووية. فمن الممكن أن تطلق كلا من إيران وكوريا الشمالية سباقات تسلح إقليمية، صانعة بؤر نووية خطرة في الشرق الأوسط وشرق آسيا. ولمواجهة هذه التهديدات لن أقوم بسحب الخيار العسكري من على الطاولة، فأول تعامل لنا لابد أن يكون دبلوماسية مساندة ومباشرة وقاسية، هذا النوع من التعامل الذي لم تكن ادراة بوش قادرة أو راغبة في استخدامه.
مكافحة الإرهاب العالمي
لتجديد القيادة الأمريكية في العالم، لابد أن نشكل جبهة عالمية أكثر فاعلية لمواجهة الإرهاب الذي هاجم حدودنا بشكل غير مسبوق في 11 سبتمبر 2001. فمن بالي إلى لندن ومن بغداد إلى الجزائر ومن مومباي إلى مومباسا إلى مدريد، الإرهاب الذي يرفض هذا العصر ويعارض أمريكا ويشوه الإسلام قتل وشوه عشرات الآلاف من الناس فقط في هذا العقد. ولان هذا العدو يقوم بسلسلة من العمليات الإرهابية على نطاق عالمي يجب مواجهته عالميا.
كما ينبغي أن نعيد أنظارنا إلى أفغانستان وباكستان، الجبهة المركزية في حربنا ضد القاعدة. لذلك نحن نواجه الإرهاب حيث نشأت جذوره بعمق. النجاح في أفغانستان مازال ممكنا ولكن هذا فقط إذا تحركنا في سرعة وحكمة وحزم. كما ينبغي مواصلة استراتيجية متكاملة من شأنها تعزيز قواتنا في أفغانستان والعمل على إزالة القيود المفروضة من قبل بعض الحلفاء في حلف شمال الأطلنطي على قواتها. ولابد لاستراتيجيتنا أن تتضمن دبلوماسية مدعمة لعزل طالبان وبرامج متطورة أكثر فعالية تهدف إلى تقديم المعونة إلى المناطق المتضررة من اعتداءاتها.
سأنضم إلى حلفاؤنا في الإلحاح، وليس مجرد طلب، لتقوم باكستان بالقضاء على طالبان ومطاردة أسامة بن لادن ومعاونيه وإنهاء علاقته مع كل المجموعات الإرهابية. كما إني في نفس الوقت سأشجع الحوار بين باكستان والهند ليعملوا على حل نزاعهم حول مقاطعة كاشمير والحوار بين أفغانستان وباكستان ليتباحثوا حول اختلافاتهم التاريخية وتوضيح المنطقة الحدودية لقبائل البشتون بالتفصيل. ومن الجدير بالذكر أن إذا استطاعت باكستان النظر في اتجاه الشرق في مزيد من الثقة، ستكون اقل ميلا إلى الاعتقاد أن مصالحها ستتم على أكمل وجه من خلال التعاون مع طالبان.
وعلى الرغم من اتخاذ إجراءات صارمة في جنوب ووسط آسيا إلا إنها تمثل فقط نقطة البداية، فجهودنا لابد أن تكون على نطاق أوسع. ويجب أن لا يكون هناك ملاذ آمن لأولئك الذين يتآمروا على قتل الأمريكان. ولهزم القاعدة سأؤسس جيش القرن الواحد والعشرين وسأقيم علاقات بنفس قوة اتحاد مناهضي الشيوعية الذي انتصر في الحرب الباردة لنكون في وضع استعداد للهجوم في كل مكان من جيبوتي إلى قندهار.
هنا في الوطن، علينا أن نعزز أمننا القومي وحماية البنية التحتية الأساسية التي تتوقف عليها بنية كل دول العالم. يمكننا أن نبدأ بإنفاق الأموال على الأمن الداخلي على أساس الخطر الذي يمكنه مواجهتنا. وهذا يعني استثمار المزيد من الموارد لصيانة وسائل النقل، وسد الثغرات في امن طيراننا بفحص كل البضائع على طائرات الركاب وفحص جميع الركاب متضمنا قائمة المراقبة، وتطوير امن الموانئ بالتأكد من أن البضائع يتم فحصها بالإشعاع.
ولننجح، لابد أن يكون امن وطننا وإجراءات مكافحة الإرهاب مرتبطة باستخبارات تتعامل بفاعلية مع التهديدات التي نواجهها. فنحن نعتمد اليوم على نفس المؤسسات والممارسات التي كانت قائمة قبل أحداث 11 سبتمبر. نحن بحاجة إلى إعادة النظر في إصلاح الاستخبارات، وتجاوز إعادة ترتيب صناديق الهيكل التنظيمي. للاحتفاظ بمعدل التقدم أمام أعداء لديهم قدرة عالية على التكيف والتطور، ونحن بحاجة إلى التكنولوجيات والممارسات التي تمكنا من تبادل وجمع المعلومات بفعالية داخل وعبر وكالاتنا الاستخبارية. علينا أن نستثمر المزيد في الاستخبارات البشرية ونشر عمال ودبلوماسيين إضافيين مدربين ذوي معرفة متخصصة بالثقافات واللغات المحلية. كما ينبغي إضفاء طابع مؤسسي على وضع التقييمات التنافسية للتهديدات الحرجة وتقوية منهجياتنا في التحليل.
في النهاية، نحن في حاجة إلى استراتيجية متكاملة لهزيمة الإرهاب العالمي تعتمد على جميع مراكز القوة الأمريكية وليس فقط القوة العسكرية. وبوصفي قائد عسكري أمريكي رفيع المستوى أرى أن عندما يتوفر للناس الكرامة والفرصة، تكون فرصة تقليل الراديكالية مرحب بها بشكل كبير أن لم يكن كلي، ولهذا السبب نحن في حاجة إلى التعاون مع حلفاؤنا لتعزيز ودعم الدول الضعيفة ومساندتهم في إعادة بناء ما سقط منهم.
في العالم الإسلامي وما وراءه، تتطلب مكافحة أنبياء الخوف الداعين للإرهاب ما هو أكثر من المحاضرات حول الديمقراطية. نحن في حاجة إلى زيادة معلوماتنا عن الظروف والمعتقدات التي تدعم أساس الراديكالية. فهناك جدال حامي يدور داخل الإسلام، البعض يراه مستقبل من السلام والتسامح والتنمية والمزيد من الديمقراطية. والبعض الآخر يعتنق الصرامة والتعصب العنيف ضد الحرية الشخصية والعالم ككل.
لتمكين القوات من الوسطية، على أمريكا أن تقوم بكل جهد لتوفير الفرص، مثل مداخل إلى التعليم والى الرعاية الصحية والصناعة والاستثمار، وتوفير نوع من الدعم المستمر للإصلاح السياسي والمجتمع المدني وهذا هو ما مكنا من الانتصار في الحرب الباردة. فإيماننا مرتكز على الأمل بينما إيمان الراديكاليين مرتكز على الخوف. وهذا هو ما يجعلنا نستطيع وسنستطيع أن نكسب هذا الصراع.
إعادة بناء شراكتنا
لتجديد القيادة الأمريكية في العالم، اعتزم أن أعيد بناء التحالفات والشراكة والمؤسسات اللازمة لمواجهة التهديدات المشتركة وتحسين أمننا المشترك. هناك حاجة إلى إصلاح هذه التحالفات والمؤسسات وهذا لن يأتي بفرض القوة على الدول الأخرى لنصدق على تغييرات نحن ندبر لها في الظلام. ولكن ستأتي عندما نقوم بإقناع الحكومات والشعوب الأخرى إنها لها أيضا مصلحة في إقامة شراكات فعالة.
غالبا ما نرسل إشارة معاكسة لشركائنا الدوليين. ففي حالة أوروبا، رفضنا التحفظات الأوروبية حول حكمة وضرورة شن الحرب على العراق. في آسيا، قمنا بالتقليل من شأن الجهود المبذولة من قبل كوريا الجنوبية لتحسين العلاقات مع الشمال. في أمريكا اللاتينية، من المكسيك إلى الأرجنتين، فشلنا في مواجهة المخاوف بشأن الهجرة والعدالة والنمو الاقتصادي. في أفريقيا، سمحنا للابادة الجماعية أن تدوم لأكثر من أربعة سنوات في دارفور وتقريبا لم نفعل ما يكفي للرد على دعوة الاتحاد الأفريقي بتقديم مزيد من الدعم لوقف القتل. لذلك سأعيد علاقتنا مع حلفاؤنا في أوروبا وآسيا وسأعزز شراكتنا مع أمريكا وأفريقيا.
تتطلب تحالفتنا إعادة النظر في مدى تعاوننا وإذا كانوا لا يزالوا ينشدوا أن تظل هذه التحالفات فعالة وذات صلة. فحلف شمال الأطلنطي قطع أشواطا هائلة على مدى الخمسة عشر عاما الأخيرة، محولا نفسه من تأمين بنية الحرب الباردة إلى شريك من اجل السلام. ولكن اليوم، اتضحت تحدياته في أفغانستان، كما قال السيناتور لوجار "تناقض متزايد بين مهمات حلف شمال الأطلنطي الموسعة وبين قدراته المتأخرة". لسد هذه الثغرة، سوف أحث الحلف للمساهمة بقوات أكثر لتوفير الأمن الجماعي وزيادة الاستثمار لإعادة البناء وتطوير القدرات.
وكما سنعزز حلف شمال الأطلنطي ينبغي أن ننشئ تحالفات وشراكات جديدة في مناطق حيوية أخرى. مثل الصين الصاعدة واليابان وكوريا الجنوبية الذين فرضوا أنفسهم على الساحة العالمية. وسأقوم بتشكيل إطار أكثر فعالية في آسيا يتجاوز الاتفاقيات الثنائية ومؤتمرات القمة العرضية والترتيبات الخاصة مثل المحادثات السداسية حول كوريا الشمالية. فنحن بحاجة إلى بنية تحتية شاملة مع دول في شرق آسيا التي يمكن أن تشجع الاستقرار والازدهار وتساعد في مواجهة التهديدات الدولية، من الخلايا الإرهابية في الفلبين إلى أنفلونزا الطيور في اندونيسيا. كما سأقوم بتشجيع الصين بلعب دور مسئول باعتبارها قوة كبرى للمساعدة في تزعم مواجهة مشاكل القرن الواحد والعشرين المشتركة. وبالطبع سوف نتنافس مع الصين في بعض المجالات ونتعاون معها في أخرى. التحدي الجوهري هو أن نبني علاقات توسع من نطاق التعاون بينما نقوي قدرتنا على المنافسة.
بالإضافة إلى حاجتنا إلى تعاون فعال فيما يخص القضايا العالمية الملحة بين جميع القوى الرئيسية، متمضنا ما ظهر توا للعيان مثل البرازيل والهند ونيجيريا وجنوب أفريقيا. نحن في حاجة إلى دعمهم ماليا ليحافظوا على النظام العالمي. وللوصول إلى هذه الغاية، يتعين على الأمم المتحدة أن تقوم بإصلاح واسع المدى. فلا تزال الممارسات الإدارية في الأمانة العامة للأمم المتحدة واهية. فهناك إفراط في عمليات حفظ السلام، مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الجديد اصدر ثمانية قرارات تدين إسرائيل ولكنه لم يصدر حتى قرارا واحدا ليدين الابادة الجماعية في دارفور أو انتهاك حقوق الإنسان في زمبابوي. أيا من كل تلك المشكلات لن يتم حلها إلا إذا كرست الولايات المتحدة الأمريكية نفسها لهذه المنظمة ولمهامها.
تعزيز المؤسسات وتنشيط التحالفات والشراكات له أهمية حاسمة إذا أردنا تخطي هذه الفترة من تاريخنا والانتصار عليها. وقد صنع الإنسان تهديد آخر فوق هذا الكوكب، ألا وهو التغيير المناخي. بدون هذه التغييرات المفاجئة فارتفاع منسوب البحر سيغرق المناطق الساحلية حول العالم، وبما في ذلك جزء كبير من الساحل الشرقي. ارتفاع درجة الحرارة وانخفاض هطول الأمطار سيقلل من المحاصيل وسيزيد من النزاعات والمجاعات والأمراض والفقر. وبحلول عام 2050 من الممكن أن تؤدي المجاعة إلى تشريد أكثر من 250 مليون شخص حول العالم وهذا يعني زيادة عدم الاستقرار في بعض أكثر أجزاء العالم تقلبا.
بوصفها اكبر منتج في العالم للغازات الدفيئة، فالولايات المتحدة الأمريكية مستعدة للقيادة بمسئولية. بينما يعمل الكثير من شركاؤنا الصناعيين بكد ليقللوا من انبعاث هذه الغازات، نزيدها نحن بمعدل ثابت بإصدار أكثر من 10 % في العقد الواحد. كرئيس للولايات المتحدة، اعتزم أن أسن قانون لنظام الحد الانبعاثي والمتاجرة بشأنه أن يخفض بشكل كبير من انبعاثات الكربون. كما سأعمل لتحريرنا أخيرا من الاعتماد على البترول الأجنبي باستخدام طاقة أكثر كفاءة في سياراتنا ومصانعنا ومنازلنا بالاعتماد أكثر على مصادر الطاقة المتجددة وتسخير امكانات الوقود الحيوي.
تأمين احتياجاتنا بشكل مرتب ما هو إلا خطوة أولى. وقريبا ستحل الصين محل الولايات المتحدة الأمريكية كأكثر دول العالم إنتاجا للغازات الدفيئة.
تطوير الطاقة النظيفة لابد أن يكون المحور الرئيسي في علاقتنا مع الدول الكبرى في أوروبا واسيا. سأستثمر تكنولوجيات فعالة ونظيفة في الوطن بينما نستخدم تنشيط سياستنا وتصديرنا المساعد للدول النامية في تجاوز مرحلة تطوير الاستخدام الكثيف للكربون، كما إننا في حاجة إلى مواجهة عالمية للتغيير المناخي تتضمن روابط ملزمة وقابلة للتنفيذ لتقليل الانبعاث الحراري وخاصة بالنسبة للدول الأكثر تلويثا للبيئة: الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند والاتحاد الأوروبي وروسيا، انه تحدي هائل. لكن ارتفاعها له فوائد كثيرة للولايات المتحدة، فبحلول عام 2050 من الممكن أن يخلق الطلب العالمي على الطاقة منخفضة الكربون سوق سنوي بقيمة 500 مليار دولار، وبتلبية هذا المطلب من شأنه أن يفتح آفاق جديدة للعمال وأصحاب المشاريع الأمريكية.
بناء مجتمعات عادلة وآمنة وديمقراطية
وفي النهاية لتجديد القيادة الأمريكية، سأقوي أمننا المشترك لتحقيق إنسانيتنا المشتركة. فالتزامنا العالمي لا يمكن أن يعرف بما نحن ضده بل ينبغي أن يعرف بإحساس واضح بمن ندعمهم. فنحن لدينا مصلحة كبيرة في ضمان أن من يحيوا في خوف وفاقة اليوم في امكانهم أن يحيوا بكرامة وتتوفر لهم الفرص غدا.
فالشعوب حول العالم سمعوا في الآونة الأخيرة عن حرية التطور، ومن المفجع أن الكثير ربطوا هذا ذهنيا مع الحرب والتعذيب وفرض تغيير النظام بالقوة. ولكن لإنشاء عالم أفضل حر لابد أولا أن نتصرف بطريقة تعكس لياقة وتطلعات الشعب الأمريكي. وهذا يعني وضع حد لممارسات إبعاد السجناء في عتمة الليل ليتعرضوا لعمليات التعذيب في دول نائية واعتقال الآلاف بدون تهم أو محاكمة والإبقاء على شبكة من السجون السرية لسجن الناس بعيدا عن متناول القانون.
ينبغي على أمريكا أن تلتزم بتعزيز دعائم مجتمع عادل. يمكننا أن نساعد في بناء مؤسسات مسئولة تقدم الخدمات والفرص: هيئات تشريعات قوية، هيئات قضائية مستقلة، قوات شرطة نزيهة، حرية المطبوعات وحيوية المجتمعات المدنية. ففي الدول المدمرة بسبب الفقر والصراع يتطلع المدنيين للتحرر من الحاجة والعوز. ونظرا لان المجتمعات الفقيرة والدول الضعيفة إلى ابعد الحدود متوافر فيها ارض خصبة مثالية للأمراض والإرهاب والصراع فان الولايات المتحدة الأمريكية لديها امن قوي مباشر يهتم بشكل كبير بالحد من الفقر العالمي والمشاركة مع حلفاؤنا في تقاسم الكثير من ثرواتنا لمساعدة هؤلاء من هم في أمس الحاجة إليها. نحن في حاجة إلى المشاركة في بناء دول قادرة ديمقراطية لديها القدرة على بناء مجتمعات صحية ومثقفة، أسواق متطورة وثورة منتجة. دول في امكانها أيضا أن تمتلك قدر اكبر من القدرات التنظيمية لمحاربة الإرهاب ووقف انتشار الأسلحة المميتة وبناء بنية تحتية صحية سليمة لمنع وهزيمة ومعالجة الأمراض الفتاكة مثل الإيدز والملاريا وأنفلونزا الطيور.
كرئيس للولايات المتحدة، سوف أضاعف الاستثمار السنوي في مواجهة هذه التحديات إلى 50 مليار دولار بحلول 2012 وسأتأكد من أن هذه الموارد الجديدة موجهة نحو أهداف مستحقة العناء المبذول في سبيلها. ففي العشرين سنة الأخيرة، لم يقدم صندوق الولايات المتحدة الأمريكية للمساعدات الخارجية شيئا أكثر من مواكبة التضخم. من مصلحة أمننا القومي أن نقدم الأفضل ولكن إذا كانت أمريكا ستقدم العون للآخرين في بناء مجتمعات أكثر عدلا وأمنا، فاتفاقياتنا التجارية وتخفيف الديون والمساعدات الخارجية لا يمكن أن تكون بدون مقابل بل سأربط دعمنا بدعوة ملحة للإصلاح لمكافحة الفساد الذي تغلغل وتعفن في المجتمعات والحكومات من الداخل. لن افعل هذا بروح الراعي ولكني سأفعله بروح الشريك ولكن مع الوضع في الاعتبار أن لكل شريك عيوبه الخاصة.
برامج الإيدز العالمية المتطورة السريعة الأمريكية أثبتت أن زيادة المساعدات الأجنبية في وسعها أن تحدث اختلافا حقيقيا. وكجزء من هذا التمويل الجديد، سأدعم صندوق التعليم العالمي بمبلغ 2 مليار دولار الذي سيجعل العالم يتعاون للقضاء على عجز الميزانية في التعليم العالمي، تقريبا مثل لجنة 9/11 المقترحة. لا يمكننا أن نأمل بتشكيل عالم حيث تواجد الفرص يفوق الخطر إلا إذا قمنا بالتأكد من أن كل طفل في كل مكان تعلم ليبني لا ليهدم.
هناك مبادئ أخلاقية وأمنية مقنعة لتجديد القيادة الأمريكية، وهي الاعتراف بقيمة الناس وبالمساواة الفطرية بينهم. كما قال الرئيس كينيدي في خطابه الافتتاحي عام 1961 "لهؤلاء الناس في الأكواخ والقرى الذين يشكلون نصف سكان القرى الأرضية ويكافحوا من اجل الخروج من تحت وطاءة الدمار والبؤس، نتعهد بتقديم أفضل جهودنا لمساعدتهم في أن يساعدوا أنفسهم مهما تتطلب الأمر من وقت. هذا ليس لان الشيوعيين من الممكن أن يفعلوا ذلك وليس لاننا نستهدف أصواتهم ولكن لأنه الحق. فالمجتمع الحر إذا لم يستطع أن يساعد الكثيرين الذين يعانون من الفقر فلن يستطع حماية القليلين الذين يتمتعون بالثروات". سأظهر للعالم أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال مخلصة لقيمها الموضوعة. وأننا نقود ليس فقط لتحقيق مصالحنا ولكن لتحقيق المصالح المشتركة.
استرداد الثقة في الولايات المتحدة
قال روزفلت في مواجهة هتلر أن "في وسع قوتنا أن تتجه نحو الخير المطلق وفي نفس الوقت في وسعها أن تكون ضد الشر الحالي، نحن الامريكيون لسنا بمدمرين، إننا بناة". وقد حان الوقت لرئيس في استطاعته توحيد الآراء هنا في هذا الوطن على نفس القدر من هذا الطموح.
أخيرا، لن تنجح أي سياسة أجنبية إلا إذا فهمها الشعب الأمريكي وشعر أن له مصلحة في نجاحها، إلا إذا كانوا واثقين في أن حكوماتهم تستطيع استشعار اهتماماتهم ومخاوفهم أيضا. لن نستطيع أن نزيد المساعدات الخارجية إذا فشلنا في توفير الأمن والفرص لشعبنا. ولا يمكننا عقد الاتفاقيات التجارية لمساعدة في تحفيز التنمية في الدول الفقيرة طالما نحن لا نقدم دعم مجدي لمساعدة الشعب الأمريكي المحمل بالأعباء اثر اختلالات الاقتصاد العالمي. ولا يمكننا أن نقلل من اعتمادنا على البترول الخارجي أو مواجهة الاحتباس الحراري إلا إذا كان الشعب الأمريكي مستعدا لان يبدع ويجدد ويحافظ على هذا. لا يمكننا أن ننتظر من الأمريكيين أن يدعموا وضع المجندين والمجندات في الحرب إذا لم نستطيع أن نبين إننا سنستخدم القوة بحكمة وعدل. ولكن إذا استطاع الرئيس القادم أن يسترد ثقة الشعب في أمريكا، لو أدركوا أن هو أو هي يتحرك في الطريق الصحيح وفقا لمصالحهم الأهم بحذر وحكمة وبقدر من التواضع. بعد كل هذا أستطيع أن أؤمن بان الشعب الأمريكي سيتطلع إلى رؤية أمريكا تتزعم العالم مرة أخرى.
أؤمن بأنهم سيقروا بان الوقت قد حان للجيل الجديد أن يحكي للجيل التالي عن قصة أمريكية عظيمة. إذا عملنا بجرأة وتبصر، سنكون قادرين على إخبار أحفادنا أن هذا هو الوقت الذي ساعدنا فيه الشرق الأوسط على تحقيق السلام، هذا هو الوقت الذي واجهنا فيه التغيير المناخي وقمنا بتأمين الأسلحة التي كان بمقدورها أن تدمر الجنس البشري، هذا هو الوقت الذي كافحنا فيه الإرهاب العالمي وجلبنا الفرص للأركان المنسية من العالم. وهذا هو الوقت الذي استطعنا فيه تجديد أمريكا لتقود أجيال من المسافرين المرهقين من جميع أنحاء العالم ليجدوا الفرصة والحرية والأمل على أبوابنا.
لم يمض وقتا طويلا منذ أن كان فلاحي فنزويلا واندونيسيا يرحبوا بالأطباء الأمريكيين في قراهم ويعلقوا الصور الفوتوغرافية للرئيس كينيدي على حوائط غرف معيشتهم. عندما كان الملايين، مثل أبي، ينتظروا كل يوم رسالة بريدية تمنحهم امتياز القدوم للولايات المتحدة الأمريكية للدراسة أو العمل أو الحياة أو القدوم فقط ليصبحوا أحرارا.
يمكننا أن نكون هذا الحلم مرة أخرى. هذا هو وقتنا لتجديد ثقة وإيمان شعبنا، وكل الشعوب، في الولايات المتحدة التي تعارك الشرور الحالية، وتعزز الخير المطلق وتقود العالم مرة أخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الحريات الأربعة: أعلنها روزفلت عام 1941 وتتمثل في حرية التعبير والعبادة والتحرر من الخوف والحاجة.
** مشروع مارشال: هو المشروع الاقتصادي لإعادة تعمير أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية
الذي وضعه الجنرال جورج مارشال رئيس هيئة أركان حرب الجيش الأمريكي عام 1947
ترجمة: أميمة صبحي
نُشر في مجلة وجهات نظر - 2009
From Foreign Affairs, July/August 2007
From Foreign Affairs, July/August 2007
ودي كانت الـ 100 يوم بتاعة اوباما قبل تولي المنصبواللزقة على الكرسي
ReplyDelete