Thursday, January 31, 2013

إلى عالية

سأحكي لكِ يا عالية كثيرا عنك. عن رحلتك الطويلة التي قمتِ بها وحدك بداخلي. وحدك في الظلام لا رفيق سوى دقات قلب مرتعش خائف من اللقاء، مرتجف شوقا ولوعة، واهن تحت وطأة فعل الحب الذي أوجدك بين طيات الجسد الذي يسكنه. كنتِ معجزة كبيرة بعد أخرى. نطفة صغيرة سكنت ذلك الجسد قبلك ثم هربت مبتعدة ربما بعد ان اختبرته ووجدته لا يصلح مكان للبداية والميلاد.كنتِ انتي من مددت لي يدك بصدق وهمست قرب القلب الذي يخفي لوعته بأنك باقية ولن ترحلي رغم كل شئ. كان الجسد دوما جامحا لا يكترث بما يحمل ويتحرك كثيرا في جميع الاتجاهات. يرفض المكوث والانتظار. أنا اكره الانتظار يا عالية، لا انتظر احدا انما اذهب إليه بشكل مباشر. لا انتظر فرصا، فقط أوجدها في الحال وامرها بالانصياع. إلا انتِ، كنتِ علبة مغلفة بسلوفانة ذهبية انتظرتها لشهور كنت اتذمر فيها كل يوم وأشكو إليك منك في بعض لحظات الغضب، وكنتي تضحكين، سمعتك مرارا ورأيتك على شاشة السونار ترقصين باليه مائي داخل أحشائي. تتحولين لحرف "الراء" في رشاقة غير معهودة. ورغم الغيظ من وراء الألم إلا اني كدت اصفق لكِ باعجاب امام الجميع. 
كانت علاقتي بكِ تترنح بين الغضب والحب. حكيت لكِ في تلك الأيام عن كل شئ. عن غثيان الصباح وعن أنفي الذي أصبح يتملص من وظيفته ويتصنع البلاهة ويكره الشم. حكيت لكِ عن الشوق الذي سبق الجميع الينا والحنين السخيف. لا شئ هنا يتركنا يا عالية، لذا أحضري معك حقيبة واسعة لتسع كل الأشياء التي تصر على اصطحابنا مهما كانت صعوبة الرحلة. حكيت لكِ مرارا عن الديناصور الذي انقرض جميع اصدقائه ولم يكترث. لم يلتفت ابدا لقوس قزح الذي ملأ السماء، ولم يرى المطر. حتى تلاشى وحيدا وهو لا يدري انه يتلاشي، وهو لا يهتم. كنت أحاول ان أجعلك تحدقين بقوة في العالم، ألفت انتباهك ان لا تتلاشي مثل ذلك الديناصور الرمادي. في نهاية الرحلة طلبت منك ان تبتسمي فور رؤيتي، أخبرتك اني توحشتك بشدة وأسمعتك بعد موسيقى الجاز الرائقة الحلوة مثل شفتيك. 

جرح عريض عميق أسفل البطن كلما تحسسته، كلما تماديت في نشاط مفرط ووخزني الألم، ذكرتك. لا صحة لما يتردد ان الأم التي لا تلد بشكل طبيعي لا تشعر بمولودها. جرحي الذي سيسكني كل ما بقى من العمر شاهدا على علاقة دامت سنوات بعدد خلايا الجلد الذي شُق من أجلك. كانت المفاجأة انك ضحكتي بقوة فور رؤيتي. رغم اني لم اكن أول وجه تنظرين إليه، إلا ان أول ضحكة كانت لي تماما كما اتفقنا سويا، انا بكلماتي وانتي بحركة كوعك البطيئة التي كادت تشق أعلى البطن. لا أحد يصدق تلك المعجزة الصغيرة أبدا. لسنا  بمفردنا نعرف ذلك السر ولكن وحدنا نؤمن به ونحيا بداخله.
انتي كائن شتوي يا عالية. كان ميلادك شتويا رغم ربيع الثورة التي طالما انتظرتها. لن ارتدي ثياب البطلة واحكي لكِ عن تظاهرات زائفة لم تطأها قدمي ولكن يكفي ان تعرفي اني طالما انتظرتها. ربما هي الوحيدة غيرك التي انتظرتها طويلا.

بكأس الشراب المرصع باللازورد
انتظرها
على بركة الماء حول المساء وزهر الكولونيا
انتظرها
بصبر الحصان المعد لمنحدرات الجبال
انتظرها
بذوق الامير الرفيع البديع
انتظرها
ولا تتعجل فان اقبلت بعد موعدها
فانتظرها
وان اقبلت قبل موعدها
فانتظرها

وهكذا كان الانتظار مشبوبا برائحة العشق والموت. يوم ميلادك كان عشية جمعة الغضب يا عالية. أُغلقت كل الطرق بالكاد وجدت طبيبتي طريقها إليً ثم لم تستطع ان تعود مرة أخرى في المساء. كنت أراقب الموت بينما من داخلي تنبثق الحياة. يعلو صوت بكائك جوعا وتعلو الهتافات أعلى وأعلى حتى إسقاط النظام. الكثير والكثير الذي سأحكيه لكِ والذي لن استطيع روايته لشدة وطأته على قلبي. توقفت عن الكتابة منذ حادثة الشاب خالد سعيد التي فجرت كل شئ ولم أعود إليها إلا بكِ يا عالية. أُليًن مفاصل صوابعي وأُعيد تدريب مفاتيح الكيبورد ومخازن العقل حتى تنساب الكلمات مرة أخرى من أجلك. أوقفني الانبهار بما حدث بعد تلك الحادثة واحداث الثورة المتتالية. أوقفني عجزي وألمي لعدم مشاركتي بما انتظرته طويلا. أوقفني الموت الذي لم أراه بهذا الكم والوحشية من قبل. وأعادتني الحياة التي تلمستها بلمسة يدك الصغيرة. الحياة التي سرت داخلي بضحكتك الأولى لي.

وإليك ايتها الكائن الشتوي أهدي لكِ هذا في عيد مولدك الثاني.

وهتعمل ايه يابو قلب مصبوغ بالجَدَب 
مع بنت تكوينها بيشبه للشتا؟ 
متلوّنة بريحة يناير 
روحها عاشقة الكلفتة 
واكمنها..مروّية فى القلب بتعب 
كان فيها منه حجات كتير 
يمكن دفاها..أو جفاها 
أو شرودها عن دواها 
أو هواها للسهر 
وبرغم سقعة جوّها 
تلقاها تقدر لو تعوز..تصبح غطا 
البنت سكة للسفر 
وانت المسافر فيها مهما كان قلبك عجوز 
..لساك فتى 
كات جدتى بتحكى زمان 
ان البنات.. 
تأويلها جوة الحلم دنيا 
والحلم كان واجب نفاذه فـ خطوتين 
"كام رقصة صولو من الوجع 
على رتم أوتار الكمان" 
وكأنه ديْن 
وان الميزان..علشان يوازن كفتين 
فـ البنت يلزمها تعيش كام ألف ضحكة 
عشان يعادلوا حزنها 
والحزن لو كان تُقل وزنه يسوى مَبْكى 
بضحكة واحدة منّها. 
يامفرّقين حبة دفا ع البردانين 
قلب الشتا زى الرصيف 
او زى شارع كان مداه ضلمة 
ومخبّى وسط العتمة نور 
والبنت برضه قلبها شتوى 
عكس الخريف 
يسكنها حبة ضىّ رغم الليل 
..كل البنات 
تقرب لروح البرد فى البوح والسكات 
زى الحكاوى الدبلانين 
حدوتة كات متشتتّة 
مكتوبة لكن ما اتحكتش 
مش ميتّة..لكنها 
تفاصيلها لسة ماتعاشتش 
وعشان كدة 
كل الصبايا فطبعهم.. 
بيكونوا أجمل فى الشتا 
كل الصبايا فطبعهم 
بيكونوا أجمل.. 
.. 
فى الشتا


شعر/ اسراء مقيدم
آداء/ زينب فرحات

2 comments:

  1. اول مرة ادخل البلوج السيرش جابنى هنا ..وهمييييييييييييييييه قوى ..كان ديما عندى حالة رعب من انى احمل انسان تانى جويا واتألم به ولازلت ..زمتجوزة من شهرين وهموت وابقى ام بس كابوس الخوف من الالم هيقتلنى تدوينتك نزلت برد وسلام على قلبى :)
    يسلم قلبك وتسلم لك عاليه

    ReplyDelete
  2. اهلا بيكي
    الموضوع مؤلم مافيش شك لكن يستحق.. بطلي خوف واستمتعي :)

    أميمة

    ReplyDelete