Wednesday, January 9, 2013

تألق جين أوستن في متحف مورجان



من منا لا يتمنى أن يكون له قريب مثل العمة جين؟
في بداية عام 1817، العام الذي توفيت فيه بعد معاناة من الورم اللنفاوي، كتبت جين أوستن خطاب لابنة أختها ذات الثمان سنوات.
"ي ت ز ي ز ع - ي س ا ك – ى ن م ت ا – ك ل – م ا ع – د ي ع س"، كل كلمات خطابها كانت تنطق بعكس ما كتبت من بداية أمنياتها لكاسي عام سعيد حتى إمضائها في نهاية الخطاب. الكاتبة هنا، كما في كل مكان، لا تتعطف على قرائها ولكنها تعرف تحديدا من هم وكيف تستطيع إسعادهم. بتخيل طفلة ذات ثمان سنوات من الممكن أن تكون ذات عقلية خاصة مثل خالتها، تحل غموض شفرة الأمنيات السعيدة في مرح وسعادة.
تأتي الصعوبات من خلال تخيل أوستن نفسها. لقد كانت قارئة ماهرة لسلوكيات شخصيات روايتها، فكانت تعرف كل شئ عن نواقصهم وفضائلهم ومع ذلك فلقد كانت غامضة ومبهمة ومن الصعب النفاذ إليها بسهولة. عليك قراءتها كما يفعل شخوصها نحو أصدقائهم الذين يفهمون الإشارات والسلوكيات ولغة الحوار بدقة.
سيستمتع كثيرا من يحاول أن يعرف مدى عمق مخيلتها بزيارة المعرض الجديد المقام في "مكتبة ومتحف مورجان" بمدينة نيويورك تحت عنوان "ذكاء امرأة: حياة وتراث جين أوستن". مثل طريقة تعبير أوستن عن أحداث روايتها، المعرض مفيد بشكل رائع كما انه مختصر، يعرض قيمة تراثها مع شرح واف مطولا بجانب السماح للمشاهد بطرح الملاحظات والأسئلة حول الكاتبة. كما يتم عرض فيلم وثائقي مدته 16 دقيقة بعنوان "جين الرائعة" يتحدث فيه شخصيات معاصرة عن أهميتها، مثل الناقد والفيلسوف الأمريكي كورنيل ويست والكاتبة الأمريكية فران ليبويتز والكاتب والناقد الايرلندي كولم توبين.
 الأمين دكلان كيلي، مدير قسم المخطوطات الأدبية والتاريخية بمورجان بالتعاون مع مساعدته كلارا درموند تمكن من الحصول على امتياز اختيار مخطوطات وخطابات تخص أوستن من مجموعة كبيرة من تراثها ليتم عرضها في المتحف لأول مرة في نصف قرن.
التعديلات الأولى لروايتها هنا، بالطبع بجانب الأعمال التي تأثرت بها أوستن مثل الكاتب والرسام الإنجليزي صامويل ريتشاردسون (1689-1761) والروائي الإنجليزي لورانس سترن (1713-1768) وكتاب رجل القانون والكاتب الاسكتلندي جاميس بوسويل (1740-1795) "حياة جونسون" وهو سيرة الشاعر الإنجليزي صامويل جونسون الذاتية. وكتاب "وصف مدام كيو" للكاتب والرسام الإنجليزي ويليام بليك (1757-1827) وهو العمل الذي يُعتقد انه ساعد أوستن في تخيل شخصية "جان بانيت" في روايتها "تحامل وكبرياء".
ما صنعته أوستن في حياتها حاز على اهتمام الكثير حتى ولو كان ما تبقى منه قليلا ومن المدهش حقا انه عدد هائل. مكتبة والدها كانت قد تبعثرت، وما تبقى من الكتب الخاصة بها اقل من 20 كتابا، منها عدد كبير من أعداد مجلة "  "the Spectatorمكونة مجلد، أما الأربع روايات الذين نشروا أثناء حياتها فلم يتم إيجاد مخطوطاتهم الأصلية وكذلك الروايتان الذين نشروا بعد وفاتها. ولكن متحف مورجان قام بعرض المخطوطة الأصلية الوحيدة الباقية من رواياتها، رواية "السيدة سوزان" رواية مكتوبة على شكل خطابات وبطلتها تتميز بالمكر والنفاق لتحقيق مخططاتها أكثر من ما تخيلته أوستن لشخصياتها يوما ما.
كتبت أوستن ما يقرب حوالي 3000 خطاب خلال حياتها معظمهم إلى أختها كاسندرا التي حرقت الكثير منهم وعدلت الآخرين بعد اعتقاد إنهم من الممكن أن يسيئوا إلى جين أو إلى احد من أفراد أسرتها. بقى فقط حوالي 160 استحوذ مورجان على 51 منهم، أكثر مما يوجد في أي متحف أو مؤسسة أخرى في العالم كما أن الكثير منهم سليم ولكن بعضهم تم تعديله من قبل كاسندرا التي فعلت هذا من منطلق آداب التصرف.
مازالت الخطابات مؤثرة بشكل حيوي حتى ولو واجهنا صعوبة في قراءتها. لابد أن يتخذ متحف مورجان الإجراءات الوقائية للحفاظ عليها. هنا، في آثر يد أوستن يمكنك أن ترى حيويتها وفصاحتها ونظامها، كتابتها الحريصة والنظيفة رغم سرعتها الواضحة من الخط الذي يشعرك في بعض الخطابات ببهجة بليغة.
ارتفاع أسعار الورق لم يمنع أوستن من الكتابة فكانت تكتب فوق صحائف ورقية مفردة وتقوم بطيها نصفين للحصول على أربع صفحات. وعندما يكون لديها الكثير لتكتبه فإنها كانت تملأ كل الفراغات الممكن ملأها ثم تقوم بطي الورق بشكل جانبي كما جرت العادة حينذاك ثم تكتب بشكل عامودي فوق أوراقها. لقد أكملت إحدى الخطابات بطي الجزء العلوي من الورقة ثم الكتابة بين الأسطر.
عالم أوستن الأدبي قريب من عالم الإنسان الشخصي، انه يناقش همومه واحتياجاته الإنسانية حيث يمكنك ملاحظة الطاقة المتدفقة من بين كلماتها لذا فان كتابتها تمثل دراسة خام للحياة اليومية المعاشة.

ترجمة: أميمة صبحي
 عن النيويورك تايم

No comments:

Post a Comment