Sunday, August 16, 2009

العمارة الاسلامية والنقاب











للمرأة دائما مكان في الاسلام حتى في تصميم البيوت الاسلامية التقليدية، حيث انها كانت تتميز بالخصوصية الشديدة، فالبيوت العربية التقليدية هي البيوت القديمة التي سكنها العرب حتى بداية القرن العشرين، والتخطيط العام يجعل التوجه نحو الداخل فلا يطل البيت على الجيران ولا يطل الجيران عليه.
فللبيت صحن أو أكثر تتوجه نحوه الفتحات والشبابيك ومعظم الأبواب وتقام معظم نشاطات أهل البيت فيه أو حوله، والصحن في البيت العربي هو قلب البيت ومحوره. بأبسط أشكاله يكون مربع أو مستطيل الشكل يحيط به رواق ويتوسطه حوض ماء أو نافورة وربما قمرية
فهو ساحة مفتوحة في وسط المبنى، ويكاد يكون العنصر المعماري المشترك في كافة الدول العربية من الشرق إلى الغرب والأندلس وفي الريف والمدن، لا يستثنى من ذلك حتى البدو بالرغم من إختلاف التفاصيل. بل أن تخطيط المدن الإسلامية إعتمد على نفس الفكرة حيث أن المناطق السكنية (وكانت تسمى خططا) كانت تبنى من الأطراف أولا ويترك الوسط فضاءاً، إلا أنه كان يسمى ساحة.
ويستخدم كحديقة داخلية خاصة للعائلة وكساحة خدمة محجوبة عن أعين الجيران بواسطة الغرف المحيطة بهومن العوامل المؤثرة في فن العمارة الاسلامية العامل الاجتماعي: فكان لغيرة المسلمين -النابعة من تعاليم الإسلام- على حرماتهم ونسائهم، أثرها في تصميم واجهات المنازل، حيث كانت نوافذ البيوت قليلة وعالية؛ لتكون بعيدة عن أعين المارة، وابتكرت المشربيات، وكان يُصمم انكسار في مدخل البيت لينحني الداخل، ثم يتجه نحو ممر آخر، ومنه يدخل إلى فناء المنزل، وذلك حتى لا يرى الداخل من يجلس في حوش المنزل.
اذن، فالمرأة كانت تمارس حياتها بحرية داخل البيت فتسمح للشمس والهواء بالتغلغل داخل مسام شعرها وجسدها بعيدا عن عيون الاجانب عنها، فعندما تلتزم بالنقاب ، في حال اذا ما افترضنا ان النقاب من الشريعة الاسلامية كما يقول عدة شيوخ، فان التزامها به لن يسمح باختلال ميزان حريتها في شئ.
تهب علينا كل يوم رياح مليئة بالاتربة والفتاوي العجيبة كفتوى الشيخ محمد الهبدان الذي افتى بالنقاب ذو الفتحة الواحدة التي تسمح للعين اليسرى برؤية الطريق، ولا اعرف لماذا العين اليسرى، ربما هي اقل اثارة من العين اليمنى للمرأة والله والشيوخ اعلم
ويقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله الصحيح الذي تدل عليه الأدلة : أن وجه المرأة من العورة التي يجب سترها ، بل هو أشد المواضع الفاتنة في جسمها ؛ لأن الأبصار أكثر ما توجه إلى الوجه ، فالوجه أعظم عورة في المرأة ، مع ورود الأدلة الشرعية على وجوب ستر الوجه . من ذلك : قوله تعالى : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن } [النور:31] ، فضرب الخمار على الجيوب يلزم منه تغطية الوجه .ولما سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله تعالى : { يدنين عليهن من جلابيبهن } [الأحزاب:59] ، غطى وجهه وأبدى عيناً واحدةً ، فهذا يدل على أن المراد بالآية : تغطية الوجه ، وهذا هو تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لهذه الآية كما رواه عنه عَبيدة السلماني لما سأله عنه . ومن السنة أحاديث كثيرة ، منها : أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى المحرمة أن تنتقب وأن تلبس البرقع " ، فدل على أنها قبل الإحرام كانت تغطي وجهها . وأيده في هذه الفتوى عدة شيوخ اجلاء علماء، مما يدعونا للتفكير في اهمية تحديث الخطاب الديني على اساس التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تصاحب العالم الاسلامي الآن
ما هو الخطاب الديني؟أوضح د. القرضاوي أن المراد بكلمة الخطاب الديني هو كل بيان باسم الإسلام يوجه للناس سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين لتعريفهم بالإسلام، وقد يأخذ هذا الخطاب شكل الخطبة والمحاضرة والرسالة والمقال والكتاب والمسرحية والأعمال الدرامية، وبذلك ينبغي ألا نحصر الخطاب الديني في خطبة الجمعة فقطولا بد أن يُبنى هذا الخطاب على فهم دقيق لطريق المخاطبين وعقلياتهم وبيئاتهم، وقد قال علي بن أبي طالب –رضي الله عنه-: "حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما لا يعرفون"
وقد زاد الحديث في الآونة الاخيرة حول اشكالية الخطاب الديني وكيفية تجديده، فالعالم الاسلامي الآن اصبح مختلف تماما عن العالم الاسلامي القديم، وقد اخترت هنا مثال لهذا التغيير الذي يتمثل في العمارة الاسلامية القديمة والمرأة التي تشغل بال الكثير من الشيوخ والعلماء الاسلاميين او المتأسلمين الذين يطلون علينا من آن لآخر بفتوى تخصهن وتتضيق الدائرة عليهن
انتشر النقاب في المجتمع المصري بشكل رهيب في السنوات الاخيرة بنفس سرعة انتشار الفتاوى لاصحابها الذي قال عنهم الكاتب الساخر احمد رجب في عموده اليومي بجريدة الاخبار انهم مرضى نفسيين لديهم عقد جنسية من صغرهم وعليهم ان يعالجوا قبل ان يفتوا حول وضع المرأة
ما يهمني هنا من كل ما سبق، هو التغيير الواضح في شكل العمارة في كافة الدول العربية التي اصبحت لا تتناسب مع الكثير مما يدور في خلد علماؤنا الاجلاء، اتساءل بشدة، هل رأى هؤلاء منطقة سكنية كمنطقة امبابة الموجودة في مصر؟ على سبيل المثال وليس الحصر طبعا، هل رأى الحواري والازقة المنتشرة بشدة داخل احياء القاهرة القديمة الفقيرة التي لا تسمح لقاطنيها بأي شكل من اشكال الخصوصية؟، هل من أحد يقول لي كيف لمرأة منقبة او ترتدي الخمار والعباءة الطويلة والقفاز ومن سكان هذه الاحياء ان تلتزم بهذا الزي طوال اليوم بينما هي تحتاج ان تفتح نافذة بيتها لتسمح بدخول بعض الهواء وبعض اشعة الشمس ان استطاعت ان تصل لنافذتها من تكدس المباني وجيرانها يستطيعون رؤية كل شقتها من خلال النافذة الصغيرة المفتوحة؟
ولا يمكنها معالجة الامر الا اذا وضعت ستارة سميكة امام النافذة مما لا يسمح لأي بارقة امل لدخول البيت، اشعر بهم جالسون فوق قلبي رغم اني لست ملتزمة بتطبيق فتاواهم العديدة في حياتي، فما بالك بالسيدات اللاتي ليس لهن اي خلفية معرفية حول الاسلام الا من خلالهم فيطبقون تعاليمهم في حياتهم رغم أنهن وبنسبة كبيرة لا يستطيعن المحافظة على هذه التعاليم الصارمة بسبب ظروفهن الاجتماعية التي تغيرت كثيرا عن ظروف أسلافهن السيدات اللاتي كن يتمتعن بحياتهن بحرية داخل جدارن بيوتهن التي وفرها الاسلام لهن.
21/3/2009




No comments:

Post a Comment