Sunday, August 16, 2009

كشاف نور لكل مواطن

عندما اندلع الحريق في المسرح القومي كنت اغط في نوم عميق وعندما استيقظت ارتديت ملابسي على عجل وذهبت مسرعة الى قصر فاروق بك حسني وكما توقعت وجدته جالسا يبكي في حرقة على ضياع المسرحوقال من وسطه نحيبه "انتي ماتعرفيش المسرح ده بيمثل لي ايه"فربت على كتفه وانا لا اعرف كيف اواسيه فيما اصابه، اعرف ان الصدمة كبيرة عليه، فقد كنت ازوره بعد كل حريق فأجده صامد حابسا لدموعه العزيزة، ومواجها للأزمة ولكن هذه المرة فاض الكيل وفاضت معه دموعه الطاهرة "انا مش عارف الماس الكهربي عايز مني ايه؟؟؟؟" وبعد ان هدأ حاولت ان افكر معه بصوت عالي لنجد حل لهذه المشكلة العويصة فاقترحت عليه "ايه رأيك نلغي الكهربا من كل المنشآت الثقافية؟ وبكده نبقى قفلنا الباب على الماس الكهربي!"
فتنهد في عمق "معقول نلغي الكهربا ونرجع تاني لعصر الظلام؟" " لا يا فاروق بك، احنا نوزع على كل مثقف كشاف كهربة يدخل بيه المنشآة الثقافية سواء بقى مسرح ولا مركز ثقافة ولا اوبرا، كل واحد معاه كشافه، واللي معهوش ما ندخلوش
فنظر لي والتمعت عينيه بقوة "والله فكرة يا ايمي"
"لاااا انت لسه شفت حاجة؟ ده احنا كمان ممكن نوزع على كل واحد قربة مية صغيرة قيمة لترين كده ولا حاجة بحيث ان اي وقت واي مكان تقوم حريقة يروحوا مطفينها على طول"
"بس ده مش صعب شوية؟"
"ولا صعب ولا حاجة، قانون يصدر في مجلس الشعب يلزم كل مواطن اكبر من 13 سنة انه ماينزلش الشارع الا ومعاه قربة ميه ونعمل رخص للقرب ونوقف كام ظابط كده يفتشوا الناس ويتأكدوا ان القرب مليانة واللي مايلتزمش غرامة 100 جنيه"
نفخ في غليونه الفاخر وهو يفكر في اقتراحاتي التي بدت غريبة لوهلة ثم ابتسم في سعادة وقال "طيب هانشوف"
وخرج من مكتبه وقد خمنت انه سيجري بعض الاتصالات ليرى كيفية تنفيذ هذه الاقتراحات وعاد بعد قليل "من اول الشهر هانوزع قرب المية وهانجيب عدد الافراد اللي في كل شقة بالظبط من التعداد السكاني وهانضيف تمنها على فاتورة الكهربا، بس موضوع كشافات النور دي هاتقلب علينا المثقفين وانتي عارفة بقى موضوع اليونسكو"
"ولا هاتقلب المثقفين ولا حاجة، اقولك سيبهملي كلهم اصحابي انا هاتكلم معاهم، هما المثفين عايزين ايه غير مصلحة البلد دي؟ بس الكاشافات الحكومة هي اللي توزعها عشان نكسبهم في صفنا"
"هو احنا عندنا تقريبا كام مثقف يا ايمي؟"
"كبيرهم قوي الف ولا اتنين، نكسبهم عشان نعرف نمشي بقيت الشعب"
"بس تفتكري اللي حصل ده ممكن يوصل لليونسكو؟"
"يوصل ايه بس؟! تماسك انت بس كده، ايه يعني المسرح ولع، ما ياما حاجات ولعت كتير ومع ذلك انت مرشح بقوة وهانكسب اليونسكو يعني هانكسبها، ماتقلقش طول ما انت وراك رجالة"
وهنا رن جرس هاتفه ويبدو انها مكالمة مهمة فاشار لي ان ارحل الآن، فخرجت وانا افكر كيف يعيش هذا الملاك وسط هؤلاء البشر؟؟
يا مصر احفظي اولادك البارين
احفظي اولادك البارين
احفظي اولادك البارين
يحفظك الله

29/9/2008
http://www.facebook.com/note.php?saved&&suggest&note_id=28672655981

No comments:

Post a Comment