تلك الفتاة التي تسترق النظر بحذر إلى الداخل، وتتحدث بهمس في تليفونها حتى لا تطير الكلمات. تقف بخدود متوردة في شرفة حجرتها، تجتر التنهدية تلو الآخرى.
تلك الفتاة تحديدا التي استرق إليها النظر أنا أيضا بحذر من الجانب الآخر من الشارع.
وذلك الأنين المتواصل لجهاز التكييف الصادر من البنية المجاورة.
وتلك الناموسة الحقيرة التي تمتص دماء قدمي التي صادف أن تكون ناتئة من بين ملابسي الكثيرة التي تراعي وجودي بالشرفة ليلا بمفردي.
القادمة من الخمسينات بترو. Born too late وأغنية
بذكروني بحلم ما:
جائتني دعوة للسفر لباريس مقدمة من جامعة النيل، وهناك ذهبت لزيارة كنيسة نوتردام وصعدت لأعلى مكان فوق سطحها مع كاهن لأستكشف المكان، وهناك رأيت البناية المقابلة للكنيسة. كانت البناية التي ولدت وتربيت بها بحي قديم ما.. شعرت بوهلة بحنين له وبجانب البناية كان ‘محل عم سمير’ المجاور لتلك البناية في الواقع، كان يعرض سجاجيده على السائحين بسخط من الكنيسة المجاورة، وأخذ يردد:
لا يريدوا شيء سوى ايقونات للعدرا والمسيح، ينظروا لبضاعتي بلا اكتراث ثم يديروا وجوههم شطر الصليب
لا يريدوا شيء سوى ايقونات للعدرا والمسيح، ينظروا لبضاعتي بلا اكتراث ثم يديروا وجوههم شطر الصليب
كانت الدعوة مستمرة لعدة أيام، ولكني عدت للقاهرة في نفس اليوم، وقد عقدت عزمي أن أعود لباريس في اليوم التالي. وقضيت يومي التالي هذا أبحث عن من يصلني إلى المطار وأنا نادمة بشدة على عودتي، وبكيت لفتاة تملك سيارة حتى الثمالة حتى تقوم بتوصيلي للمطار.. عدت فقط من أجل تلك البناية وعندما وصلت إليها، جف ينبوع الحنين واشتقت لغربتي.
لست ممتنة لغربتي لمجرد اني ساهرة بمفردي في شرفة في مكان غريب وأراقب فتاة نحيلة سمراء جميلة تسرق لحظات الحب في شرفتها. لست سعيدة برفاهية الحس والقلب المثقل بشئ ما لا أستطيع تميزه.
ولن أكتب الشعر، لأني لا أملك ناصيته، فلأكف إذن عن المحاولة. الآن.